إثبات نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره

إن القرآن الكريم كتاب هداية، يهدي من تدبره للتي هي أقوم، وقد أمرنا الله بتدبر آياته لنتذكر بها ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، ومن أعظم ما بينه القرآن الكريم العقيدة الصحيحة، وأسماء الله وصفاته، الأصل أن أي قول أو فعل نسبه الله في كتابه إلى نفسه أو نسبه رسوله إلى الله، فهو قول الله أو فعله سبحانه، وقد دلت كثير من نصوص القرآن والسنة على إثبات القول لله سبحانه، وأنه يتكلم متى شاء، كلامًا يليق بجلاله وعظمته، وأنه فعال لما يريد، فالغالب أن الله سبحانه إذا نسب قولًا أو فعلًا إلى نفسه فهو له، وقد يَنسِب الله تعالى القول إلى نفسه وهو قول الملائكة بأمره، وقد يُسنِد الله سبحانه الفعل إلى نفسه وهو فعل الملائكة بأمره، ويُعرف ذلك بحسب السياق والقرائن

د. محمد جميل مطري

5/28/20251 دقيقة قراءة

مقالة بعنوان:

إثبات نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره

بقلم:

د.محمد علي جميل المطري

Mohammed Ali Gamil Al Matari

دكتور جامعي باليمن

بعض النتاج العلمي للكاتب:

المؤلفات من الكتب:

المطري، محمد بن علي بن جميل، "سيرة أبي هريرة والأحاديث الصحيحة التي تفرد بروايتها". (ط1، اليمن: دار الحديث بمعبر، 2020 م).

المطري، محمد بن علي بن جميل، "فصول مهمة في تاريخ التفسير". (ط1، القاهرة: دار اللؤلؤة للنشر والتوزيع، 2024 م).

الأبحاث العلمية المنشورة:

المطري، محمد بن علي بن جميل، "الهدايات المستنبطة من آية {فبما رحمة من الله لنت لهم}". (مجلة تدبر مج4، ع 7، (2019م).

المطري، محمد بن علي بن جميل، "الهدايات المستنبطة من آية الأسماء الحسنى". (مجلة تدبر مج6، ع 11، (2021م).

مقدمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنَّ القرآن الكريم كتاب هداية، يهدي من تدبره للتي هي أقوم، وقد أمرنا الله بتدبر آياته لنتذكر بها ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، ومن أعظم ما بينه القرآن الكريم العقيدة الصحيحة، وأسماء الله وصفاته، الأصل أن أي قول أو فعل نسبه الله في كتابه إلى نفسه أو نسبه رسوله إلى الله، فهو قول الله أو فعله سبحانه، وقد دلت كثير من نصوص القرآن والسنة على إثبات القول لله سبحانه، وأنه يتكلم متى شاء، كلامًا يليق بجلاله وعظمته، وأنه فعال لما يريد، فالغالب أن الله سبحانه إذا نسب قولًا أو فعلًا إلى نفسه فهو له، وقد يَنسِب الله تعالى القول إلى نفسه وهو قول الملائكة بأمره، وقد يُسنِد الله سبحانه الفعل إلى نفسه وهو فعل الملائكة بأمره، ويُعرف ذلك بحسب السياق والقرائن، وهذه أمثلة من القرآن الكريم تبين ذلك:

1- قال الله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين}[البقرة:252]، فالذي كان يتلو آيات الله على النبي محمد عليه الصلاة والسلام هو جبريل عليه السلام بأمر الله، قال ابن القيم: "ما يُسنده سبحانه إلى نفسه بصيغة ضمير الجمع قد يريد به ملائكته كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه}[القيامة:18]، وقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ}[الكهف:13]، ونظائره، فتأمله"([1])، وقال الشنقيطي: "أسند جل وعلا تلاوتها إلى نفسه؛ لأنها كلامه الذي أنزله على رسوله بواسطة الملَك، وأَمر الملَك أن يتلوه عليه مبلغًا عنه جل وعلا، ونظير ذلك قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه}[القيامة:18] أي: قرأه عليك الملَك المرسَل به من قِبَلِنا مبلِّغًا عنا، وسمعتَه منه فاتبع قراءته، واقرأه كما سمعته يقرؤه، وقد أشار تعالى إلى ذلك في قوله: {وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ}[طه:114]"([2]).

2- {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد}[ق:16]، قال ابن تيمية: "جاء بصيغة الجمع مثل قوله: {نَتْلُوا عَلَيْكَ}[القصص:3]، {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ}[يوسف:3]، {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } [القيامة: 17، 18]، فالقرآن هنا حين يسمعه من جبريل، ... ومذهب سلف الأمة وأئمتها وخلفها أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع القرآن من جبريل، وجبريل سمعه من الله عز وجل، وأما قوله: {نتلوا} و {نقص} {فإذا قرأناه}، فهذه الصيغة في كلام العرب للواحد العظيم الذي له أعوان يطيعونه، فإذا فعل أعوانه فعلًا بأمره قال: نحن فعلنا، كما يقول الملِك: نحن فتحنا هذا البلد، وهزمنا هذا الجيش، ونحو ذلك؛ لأنه إنما يفعل بأعوانه، والله تعالى رب الملائكة، وهم لا يسبقونه بالقول، وهم بأمره يعملون، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهو مع هذا خالقهم وخالق أفعالهم وقدرتهم، وهو غني عنهم؛ وليس هو كالملك الذي يفعل أعوانه بقدرة وحركة يستغنون بها عنه، فكان قوله لما فعله بملائكته: نحن فعلنا؛ أحق وأولى من قول بعض الملوك"([3])، وقال ابن كثير: "قوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد}[ق:16] يعني: ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه، ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد، وهما منفيان بالإجماع، تعالى الله وتقدس، ولكن اللفظ لا يقتضيه، فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد، وإنما قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد}، كما قال في المحتضر: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُون}[الواقعة:85] يعني ملائكته"([4])، وقال ابن عثيمين: "{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد}[ق:16] فإن قال قائل: كيف يُضيف الله القُرب المسند إليه والمراد به الملائكة، ألهذا نظير؟ قلنا: نعم، له نظير، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه}[القيامة:18] {قرأناه} المراد بذلك جبريل، ونسب الله فعل جبريل إلى نفسه؛ لأنه رسوله، كذلك الملائكة نسب الله قربهم إليه لأنهم رسله، كما قال تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُون}[الزخرف:80]"([5])، وقال ابن عثيمين أيضًا: "الله تعالى يضيف الشيء إلى نفسه إذا قامت به ملائكته؛ لأن الملائكة رسله عليهم السلام، وليس هذا من باب تحريف الكلم عن مواضعه، ولكنه من باب تفسير الشيء بما يقتضيه السياق"([6]).

3- {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا}[الحجر:74]، ذكر شيخ المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره عدة روايات عن التابعين أن جبريل رفع قرى قوم لوط إلى السماء ثم أسقطها، فصار عاليها سافلها، فالذي رفع قرى قوم لوط هم الملائكة بأمر الله سبحانه([7]).

4- {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوط}[هود:74] قال ابن جرير الطبري: "معنى ذلك: وجاءته البشرى يجادلُ رسلَنا، ولكنه لما عُرِف المراد من الكلام حُذِف الرسل، وكان جداله إياهم"([8])، وقال القرطبي: "أي: يجادلُ رسلَنا، وأضافه إلى نفسه؛ لأنهم نزلوا بأمره"([9]).

5- {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوب}[هود:71] الذين بشَّروا سارة بإسحاق هم الملائكة، وبشروا أيضًا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيم فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيم قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيم}[الذاريات: 28 - 30]، وقال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيم}[الصافات:101] قال القرطبي: "كانت البشرى على ألسنة الملائكة"([10]).

6- {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيم}[الصافات:104] قال ابن عاشور: "مناداة الله إبراهيم بطريق الوحي بإرسال الملَك، أُسنِدت المناداةُ إلى الله تعالى؛ لأنه الآمر بها"([11]).

7- {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا}[مريم:7]، ظاهر هذه الآية أن الذي نادى زكريا هو الله سبحانه، وبينت آية سورة آل عمران أن الذي ناداه الملائكة بأمر الله، قال سبحانه: {فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِين}[آل عمران:39]، فالقول قد يُنسب إلى الله سبحانه والذي قاله هو ملكٌ من الملائكة([12])، وصح هذا لكونه مبلِّغًا قول الله تعالى.

8- {سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}[مريم:79] قال السمعاني: "أي: يأمر الملائكةَ حتى يكتبوا"([13])، كما قال تعالى: {قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُون}[يونس:21]، وقال سبحانه: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُون}[الزخرف:80]، وقال عز وجل: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِين* كِرَامًا كَاتِبِين* يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون}[الانفطار:10 - 12]. قال ابن تيمية: "وأما الكتابة فرسله يكتبون، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}[يس:12] فأخبر بالكتابة بقوله: {نحن}؛ لأن جنده يكتبون بأمره"([14]).

9- {وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُون}[سبأ:42] القائل ذلك ملائكة العذاب، كما قال تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيم ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيم ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم}[الدخان:47 - 49]، قال الواحدي: "فيقول له الملَك: ذق العذاب أيها المتعزز المتكرم، يوبِّخُه ويُصَغِّره"([15]).

10- {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}[الزمر:42] نسب الله سبحانه فعل التوفي إلى نفسه مع أن الذين يباشرون ذلك ملائكة الموت كما قال سبحانه: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُون}[السجدة:11]، وقال سبحانه: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ}[النحل:32]، قال الشنقيطي: "لا معارضة بين الآيات المذكورة، فإسناده التوفي لنفسه؛ لأنه لا يموت أحد إلا بمشيئته تعالى، وأسنده لملَك الموت؛ لأنه هو المأمور بقبض الأرواح، وأسنده إلى الملائكة؛ لأن لملَك الموت أعوانًا من الملائكة"([16])، وفي هذه الآية أن الله سبحانه قد يُسند الفعل إلى نفسه بغير صيغة ضمير الجمع ويريد به ملائكته، فإنه لم يقل: نحن نتوفى الأنفس، وغالب الأمثلة التي فيها نسبة القول أو الفعل إلى الله وهو قول أو فعل الملائكة بأمره تأتي بصيغة ضمير الجمع، وقد تأتي نادرًا بصيغة المفرد، كقول الله سبحانه: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} [النجم: 53، 54]، والمؤتفكة هي قرى قوم لوط، والمعنى: أسقطها الله بعد أن رفعها إلى السماء، وغشَّاها ما غشى من مطر الحجارة والعذاب، وتقدم في كلام ابن جرير الطبري أن الذي باشر إسقاطها جبريل عليه الصلاة والسلام ومن معه من الملائكة، وأنهم جعلوا عاليها سافلها، فأسند الله سبحانه الفعل في هذه الآية إلى نفسه بغير صيغة الجمع فقال: {أهوى}، ولم يقل: أهوينا، والذي باشر الفعل الملائكة بأمر الله تعالى، وجاء في حديث صحيح إسناد الفعل إلى الله بغير صيغة الجمع، والمراد غيره، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟»([17]).

11- {يَوْمَ نَنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا}[طه:102] على قراءة الإمام أبي عمرو البصري بالنون([18])، فنسب الله سبحانه النفخ إلى نفسه، والذي ينفخ في الصور الملَك بأمره، ولا يصح أن نصف الله سبحانه بصفة النفخ، ولا أن ننسب إليه فعل النفخ في الصور بنفسه، بل الذي ينفخ في الصور ملك من ملائكته، وهذه الآية نسب الله فيها النفخ إلى نفسه؛ لأن الملَك الموكل بالنفخ في الصور ينفخ في الصور بأمر الله وإذنه، قال الواحدي: "النفخ يكون من الملك الموكَّل بالصور بأمر الله، ووجه قراءة أبي عمرو: أنه على معنى إضافة الأمر بالنفخ إلى الله تعالى"([19])، وقال السمين الحلبي: "قرأ أبو عمرو: {ننفخ} مبنيًا للفاعل بنون العظمة، أسند الفعل إلى الآمر به تعظيمًا للمأمور، وهو الملَك إسرافيل"([20])، وقال الألوسي: "قرأ أبو عمرو وابن محيصن وحميد: {ننفخ} بنون العظمة على إسناد الفعل إلى الآمر به، وهو الله سبحانه، تعظيمًا للنفخ؛ لأن ما يصدر من العظيم عظيم أو للنافخ بجعل فعله بمنزلة فعله تعالى، وهو إنما يقال لمن له مزيد اختصاص وقرب مرتبة"([21]).

وبهذا يتبين بوضوح أن القول أو الفعل قد يُنسَب أحيانًا إلى الله سبحانه والذي قاله أو فعله ملَكٌ من ملائكته، وصح هذا لكونه مبلِّغًا قول الله وأمره، والله أعلم

المصادر والمراجع

([1]) يُنظر: محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، "بدائع الفوائد". تحقيق: علي بن محمد العمران. (ط1، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، 1425هـ)، 2: 400.

([2]) محمد الأمين الشنقيطي، "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن". (ط1، بيروت: دار الفكر، 1415 هـ)، 7: 186.

([3]) أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، "مجموع الفتاوى". تحقيق: عبد الرحمن بن قاسم. (المدينة النبوية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1416 هـ)، 5: 233.

([4]) إسماعيل بن عمر بن كثير، "تفسير القرآن العظيم". تحقيق: سامي بن محمد سلامة. (ط2، الرياض: دار طيبة للنشر والتوزيع، 1420 هـ)، 7: 398.

([5]) محمد بن صالح بن عثيمين، " تفسير الحجرات - الحديد". (ط1، الرياض: دار الثريا للنشر والتوزيع، 1425 هـ)، ص: 90.

([6]) ابن عثيمين، " تفسير الحجرات - الحديد"، ص: 351.

([7]) يُنظر: محمد بن جرير الطبري، "تفسير الطبري - جامع البيان عن تأويل آي القرآن". تحقيق: عبد الله التركي. (ط1، القاهرة: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع، 1422 هـ)، 12: 534 - 537.

([8]) الطبري، "جامع البيان"، 12: 489.

([9]) محمد بن أحمد القرطبي، "تفسير القرطبي - الجامع لأحكام القرآن". تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش. (ط2، القاهرة: دار الكتب المصرية، 1384 هـ)، 9: 72.

([10]) القرطبي، "الجامع لأحكام القرآن"، 15: 98.

([11]) محمد الطاهر بن عاشور، "التحرير والتنوير". (د. ط)، (تونس: الدار التونسية للنشر، 1984م)، 23: 153؛ وقال ابن الجوزي: "نودي: يا إبراهيمُ قد صَدَّقْتَ الرُّؤيا، هذا فداءُ ابنك، فنظر إِبراهيم، فإذا جبريل معه كبشٌ أملح". يُنظر: عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي، "زاد المسير في علم التفسير". (ط1، بيروت: دار الكتاب العربي، 1422 هــ)، 3: 548.

([12]) يُنظر: مقاتل بن سليمان، "تفسير مقاتل بن سليمان". تحقيق: عبد الله محمود شحاته. (ط1، بيروت: دار إحياء التراث، 1423 هـ)، 2: 621؛ الشنقيطي، "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"، 3: 367؛ ابن عاشور، "التحرير والتنوير"، 3: 239.

([13]) أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني، "تفسير السمعاني". تحقيق: ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس. (ط1، الرياض: دار الوطن، 1418 هـ)، 3: 312.

([14]) ابن تيمية، "مجموع الفتاوى"، 5: 512.

([15]) علي بن أحمد الواحدي، "التفسير البسيط". (ط1، الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1430 هــ)، 20: 120.

([16]) الشنقيطي، "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"، 2: 374.

([17]) رواه مسلم (2569). أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، "صحيح مسلم". تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. (د. ط) (بيروت: دار إحياء التراث العربي).

([18]) يُنظر: محمد بن محمد ابن الجزري، "النشر في القراءات العشر". تحقيق: علي محمد الضباع. (ط1، مصر: المطبعة التجارية الكبرى)، 2: 322.

([19]) الواحدي، "التفسير البسيط"، 14: 516.

([20]) أحمد بن يوسف السمين الحلبي، " الدر المصون في علوم الكتاب المكنون". تحقيق: أحمد محمد الخراط. (د. ط) (دمشق: دار القلم)، 8: 103.

([21]) شهاب الدين محمود بن عبد الله الألوسي، "روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني". (ط1، بيروت: دار الكتب العلمية، 1415 هـ)، 8: 569.